تفسير السعدي وهو تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان

 تأليف: عبد الرحمن بن ناصر السعدي ، تحقيق: عبد الرحمن اللويحق – عز الدين ضلي

طبعة جديدة مصححة ومنقحة

إن كتاب «تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان من أحسن التفاسير المختصرة، حيث تميز بسهولة العبارة ووضوحها، مع استيعابه الجميع ما تضمنته الآية من معاني ،وحكم دون إطالة أو استطراد أو ذكر قصص، أو إسرائيليات، أو خروج عن المقصود بذكر أنواع الإعراب ونحو ذلك إلا ما اقتضته الحاجة بل يركز على المعنى المقصود من الآية بعبارة يفهمها كل من يقرؤها ، كما تميز هذا التفسير بأن صاحبه اهتم بترسيخ العقيدة الصحيحة السليمة، وخاصة في مسائل الأسماء والصفات، فإنه كان يقف عند كل آية فيها ذكر لاسم من أسمائه تعالى الحسنى، أو صفة من صفاته العُليا، فيبين فيها الحق من مذهب أهل السنة والجماعة. هذا، وإن من فضل الله تعالى أن كتب لهذا التفسير القبول، فإنه لا تكاد تخلو مكتبة طالب علم من هذا الكتاب، بما يدل على إخلاص صاحبه، رحمه الله تعالى وأجزل مثوبته. وقد مر هذا الكتاب بمراحل في طباعته، فبعد أن طبعته المكتبة السلفية، تبيَّن أن هذه الطبعة كان فيها التصرف الكثير من حيث تقسيم الكتاب وزيادة ما لم يذكره المصنف، والتصحيح الخاطئ، وتعديل بعض العبارات بلا مسوغ ، فتبين بذلك أن هذه الطبعة لم تتميز إلا بالسبق الزمني، لأنها أول الطبعات. وبعدها طبع التفسير طبعة أخرى عن طريق المؤسسة السعيدية، التي كلفت الأستاذ محمد زهري النجار بتصحيح الكتاب وتميزت هذه الطبعة بأنها أضحت الطبعة المعتمدة لسائر طبعات التفسير بعدها، بل اعتمدت طبعها الرئاسة العامة للإفتاء والدعوة والإرشاد في المملكة العربية السعودية، وقد كان ذلك لإحسانهم الظن في المؤسسة ومصححها، ثم تبين أن هذه الطبعة عليها ما عليها من الملاحظ منها زيادة تفسير بعض الآيات التي تركها الشيخ سهواً ، فيقوم النجار بتفسيرها من عنده، وفي اعتمدت عليها المكتبة السلفية ناقصة ؛ لأن الناسخ تجاوز الآيات، فيقوم النجار بتفسير مواضع أخرى تكون النسخة التي الآيات من قبله، هذا بالإضافة إلى أخطاء الطبعة السلفية، لأنه اعتمد اعتماداً كليا عليها دون الإشارة إلى ذلك في المقدمة. ومما زاد الطينة بلة الهوامش التي وضعها النجار، حيث تعقب فيها الشَّيخَ رحمه الله في مواضع كثيرة، فتعدى مهمته، وتجاوز طوره، فراح يعلّق على هذا التفسير القيم بآراء بَعُدَت عن الصواب وجانبت الحق في أجلى معانيه، مما شوه به هذا الكتاب، وأساء إلى المؤلّف وغش القراء، وضَلَّلَ الناشئة، كما أنه اعترض على المؤلّف وردّ أقواله بآراء من عنده لم يوفق فيها إلى الحق والصواب، مع أنه ليس من حقه ذلك، ولا من مهمته أن يعترض على المؤلّف فيما اختاره، وإنما مهمته هي تحقيق النص وتصحيحه. ولقد أبان الشيخ محمد بن سليمان البسام عوار تلك التعقبات بياناً شافياً في رسالة مستقلة : عنوانها : كشف الستار عن تلفيق وتعليق النجار على تفسير الشيخ عبد الرحمن السعدي وذكر أمثلة كثيرة دالة على أخطاء النجار فيما زعمه من أخطاء وقع فيها الشيخ رحمه الله. وبمجمل هذا العرض يتضح أن التفسير لم يخرج بصورته التي كتبها الشيخ رحمه الله ، إذ جميع الطبعات كانت نسخاً مكررة من طبعة النجار التي اعتمد فيها صاحبها على الطبعة السلفية، والطبعة السلفية اعتمدت على النسخة التي لم تكن بخط الشيخ وكان فيها بعض النقص وبعض التحريف من النساخ ولما كان الأمر بهذه الصورة التي تظهر الحاجة الماسة إلى إخراج هذا التفسير المبارك إخراجاً علميا مصححاً كما أراده الشيخ رحمه الله، فقد عزمت مؤسسة الرسالة نشر هذا الكتاب محققاً تحقيقاً علمياً - كما هي عادتها في طباعة الكتب العلمية - يليق بمقام الكتاب وصاحبه، ولما كان حجم الكتاب في طبعته الأولى - السلفية وطبعة النجار - ثقيل المحمل بعدد أجزائه، وكان هذا حائلاً بين بعض القراء وهذا التفسير، فقد عمدت مؤسسة الرسالة في طبعته الأولى لديها في عام (١٩٩٥م) إلى إخراج الكتاب في مجلد ،واحد، بحيث يكون في متناول أيدي القراء